responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 180
ارْتِكَابِهِ خِلَافَ الشَّرْعِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ تَغْيِيرَهَا إِلَّا بِالْقَوْلِ، أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ أَصْلًا وَهَذِهِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وُجُوبُ الْخُرُوجِ مِنْهَا، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ حَدَثَ فِي الْقَيْرَوَانِ أَيَّامَ بَنِي عُبَيْدٍ فَلَمْ يُحْفَظْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِهَا الصَّالِحِينَ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْهِجْرَةِ.
وَحَسْبُكَ بِإِقَامَةِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَأَمْثَالِهِ. وَحَدَثَ فِي مِصْرَ مُدَّةَ الْفَاطِمِيِّينَ أَيْضًا فَلَمْ يُغَادِرْهَا أَحَدٌ مِنْ عُلَمَائِهَا الصَّالِحِينَ. وَدُونَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ السِّتَّةِ أَحْوَالٌ كَثِيرَةٌ هِيَ أَوْلَى بِجَوَازِ الْإِقَامَةِ، وَأَنَّهَا مَرَاتِبُ، وَإِنَّ لِبَقَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَوْطَانِهِمْ إِذَا لَمْ يُفْتَنُوا فِي دِينِهِمْ
مَصْلَحَةً كُبْرَى للجامعة الإسلامية.
[100]

[سُورَة النِّسَاء (4) : آيَة 100]
وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (100)
جُمْلَةُ وَمَنْ يُهاجِرْ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [النِّسَاء: 97] ، وَ (مَنْ) شَرْطِيَّةٌ. وَالْمُهَاجَرَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هِيَ الْمُهَاجَرَةُ لِأَجْلِ دِينِ اللَّهِ. وَالسَّبِيلُ اسْتِعَارَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وزادها قبولا هُنَا أَنَّ الْمُهَاجَرَةَ نَوْعٌ مِنَ السَّيْرِ، فَكَانَ لِذِكْرِ السَّبِيلِ مَعَهَا ضَرْبٌ مِنَ التَّوْرِيَةِ. وَالْمُرَاغَمُ اسْمُ مَكَانٍ مِنْ رَاغَمَ إِذَا ذَهَبَ فِي الْأَرْضِ، وَفِعْلُ رَاغَمَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّغَامِ- بِفَتْحِ الرَّاءِ- وَهُوَ التُّرَابُ. أَوْ هُوَ مِنْ رَاغَمَ غَيْرَهُ إِذَا غَلَبَهُ وَقَهَرَهُ، وَلَعَلَّ أَصْلَهُ أَنَّهُ أَبْقَاهُ عَلَى الرَّغَامِ، أَيِ التُّرَابِ، أَيْ يَجِدُ مَكَانًا يُرْغِمُ فِيهِ مَنْ أَرْغَمَهُ، أَيْ يَغْلِبُ فِيهِ قَوْمَهُ بِاسْتِقْلَالِهِ عَنْهُمْ كَمَا أَرْغَمُوهُ بِإِكْرَاهِهِ عَلَى الْكُفْرِ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ وَعْلَةَ الذُّهْلِيُّ:
لَا تَأْمَنَنَّ قَوْمًا ظَلَمْتَهُمْ ... وَبَدَأْتَهُمْ بِالشَّتْمِ وَالرَّغَمِ

إِنْ يَأْبِرُوا نَخْلًا لِغَيْرِهِمْ ... وَالشَّيْءُ تَحْقِرُهُ وَقَدْ يَنْمِي
أَيْ أَنْ يَكُونُوا عَوْنًا لِلْعَدُوِّ عَلَى قَوْمِهِمْ. وَوَصْفُ الْمُرَاغَمِ بِالْكَثِيرِ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ جِنْسُ الْأَمْكِنَةِ. وَالسَّعَةُ ضِدُّ الضِّيقِ، وَهِيَ حَقِيقَةُ اتِّسَاعِ الْأَمْكِنَةِ، وَتُطْلَقُ عَلَى رَفَاهِيَةِ الْعَيْشِ، فَهِيَ سَعَةٌ مَجَازِيَّةٌ. فَإِنْ كَانَ الْمُرَاغَمُ هُوَ الذَّهَابُ فِي الْأَرْضِ فَعَطْفُ السَّعَةِ عَلَيْهِ عَطْفَِِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست